من نحن؟ماذا نريد؟هل نمتلك الوسائل الكفيلة بمساعدتنا
على بلوغ أهدافنا الإستراتجية إن كانت لنا أهداف أصلا؟ إن العقد الأخير من القرن
المنصرم أفرز واقعا جديدا، يقوم على تأليه القوة واعتبارها الأداة الوحيدة لفرض
مشروع حضاري نابع من جهة إنسانية معروفة ومكشوفة ،ألا وهي الغرب وعلى وجه التدقيق
أمريكا .حينما أوشكت حرب الخليج الثانية أن تضع أوزارها قال بعض العارفين بشؤون
السياسة،قد بدأ النظام الدولي الجديد ومن هذه التسمية الاصطلاحية نستشف ترتيبا
معينا تقوم عليه العلاقات الدولية تسيره نظرة أحادية عقيدتها النظرية الفرعونية:
"ما أريكم إلا ما أرى" وفي خضم هذا التوجه الجديد استشعرت بعض القوى
الإقليمية ذات الأرضية الحضارية المتينة جسامة الأخطار المحدقة بها من جراء هذه
الإيديولوجية الناشئة، والتي تستهدف كياناتها الأخلاقية والاقتصادية والحضارية
بالذوبان ، فسارعت إلى إصلاح أوضاعها الداخلية بإشراك الرأي العام الوطني في صناعة
القرار في جميع المجالات وعلى مختلف المستويات إيمانا منها بأن ترقية الفرد وصون
كرامته ،هو صمام الأمان حيال الأخطار الأجنبية المدفوعة بنظرة شمولية لما ينبغي أن
يكون عليه العالم وفق المصالح العليا لتلك القوى ولئن كانت بعض الدول التي سعت في
فترة من تاريخها إلى محاولة (رفع رأسها ) ولعب أدور خارج حدودها كأنظمة طلعية
((النسبة إلى كلمة طليعة هي طلعيي وليست طلائعية )) تنير الدرب لغيرها من الشعوب
المقهورة،فإن هذه الأنظمة لم تلبث أن وقعت في شراك سياسات محبوكة ولتكون أيضا عبرة
لما سواها من أمم الدنيا على حد قول الشاعر: "كالثور يضرب لما عافت
البقر" لقد هبت رياح النظام الدولي الجديد بصفة خاصة على البلاد العربية التي
كانت رمزا للتحدي والشموخ ولكن اختلفت أساليب التأديب من قطر إلى آخر بحسن وزن ذلك
القطر وإمكاناته الذاتية وبنيته التحتية ،فانتهج مع العراق أسلوب الردع المباشر .
و الآن وقد ولجنا باب الألفية الثالثة، فلعل أخر عملية قام بها الأوصياء على
النظام الدولي الجديد، هي إعادة ترتيب البيت الأوروبي بما لا يدع مجالا فيه للنشاز
الذي يقض مضاجع الحلفاء، فكانت حرب البلقان الثانية بصرف النظر على مأساة شعب
كوسوفو معتركا لا بدا من استدراج صربيا وتقليم أظافرها، باعتبارها القوة الإقليمية
الوحيدة ذات الموقع الحساس في قلب أوروبا والتي لم تزل كيانا عربيا لا يبعث على
الارتياح بل الاطمئنان . وبعد كل هذه التداعيات لا يسعنا إلا أن نتسأل في نوع من السذاجة،
ماهو مستقبل القوى الإقليمية التي مازالت تغرد خارج القفص المراد، مثل الصين،
وكوبا، وكوريا الشمالية، وإيران؟ من المؤكد أن أدوات الصراع قد اتخذت شكلا أخر بما
يتيح للقوى التقليدية تحقيق مأربها بأقل كلفة ممكنة في إطار توجه جديد ليس إلا
وجها ثانيا لعملة واحدة وهو ما يسمى بالعولمة.
الجمعة، 30 مارس 2012
تغريد
4:28 ص
By:
معلم
On: 4:28 ص
In: آخر الأخبار, أحوال الناس, أخبار الوطن, أخبار الولاية, فن وثقافة, مقال
لا يوجد تعليقات
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات:
إرسال تعليق